ربّة البيت.. مهنتها لا شيء وعلى عاتقها كل شيء !
تحيي تونس اليوم الثلاثاء 13 أوت ذكرى بعث مجلة الاحوال الشخصية التي انبثقت بفجر من الحقوق ميّزت المرأة التونسية عن نظيراتها في العالم العربي.
ورغم اعتزاز التونسيات بهاته المكاسب من الترسانة الحقوقية التي تتعزز يوما بعد آخر بنضالهن وبصوتهن الحر إلا أنهن مازلن يطالبن بتحقيق المساواة التامة والفعلية.. فمازال الحيف قائما في حقهن ومازال الإنصاف بعيدا عن متناول يد فئات عديدة من النسوة مثل ربات البيوت.
فربّة المنزل تملأ خانات الاوراق الرسمية لتقف أمام خانة المهنة وتضع لا شيء بينما على عاتقها كلّ شيء.
فهي أم ومدبّرة منزل بدوام وأمينة مال المنزل بدوام 24 ساعة والممرضة والمدرّسة والطباخة والمعالجة النفسية والمدرسة التربوية بدوام 24 ساعة على مدار السنة، لا بل مدى الحياة ولا إجازة ولا راتب مقابل دوامهنّ.
موزاييك زارت اليوم، نموذج لربات البيوت، في منزلها وقد فضّلت الاحتفاظ بهويتها فهي لم تعتد الأضواء ولم تعتد الحديث عن إنجازاتها، سنسميها "حواء" اسما مستعارا.
تقول "حواء" : "أنا امرأة في الأربعينات من العمر، متحصلة على الأستاذية في الاقتصاد والتصرّف وأم لثلاث بنات الكبرى متحصلة على البكالوريا والوسطى بمعهد نموذجي شارفت على استكمال تعليمها الثانوي والصغرى بمرحلة إعدادية".
وتواصل محدثتنا القول :"كان لي طموحات مهنية عالية بل مارست حياتي المهنية قبل الزواج، ولكن منذ تزوجت وأصبحت أمّا وانتقلت للعيش بعيدا عن أقاربي اضطرتني الحياة للمكوث في المنزل للوقوف على إدارة شؤون عائلتي"!
وتضيف :" ها أنا الآن ربة بيت، الخانة الوظيفية أمام المجتمع لا شيء ولكن على عاتقي كلّ شيء أنا الأم والمربية والمدرّسة والممرضة وأمينة مال البيت والقائمة بالمشتريات ومرافقة البنات والأخصائي النفسيّ في مختلف مراحل تعليمهن وحياتهنّ".
وتواصل :"لا إجازة من عملي ولا راتب لي ولكنني أقوم بما أنيط بعهدتي على أكمل وجه"!
وعند سؤالها عن إجازتها المرضيّة، ضحكت حواء وقالت :" لا، لا يمكن, كيف أستلقي وأترك شؤون عائلتي للفوضى لم يحدث أن ركنت للراحة إلا في حالات الإغماء وما شابه، مادامت العين مفتوحة أنهض من فراش المرض لآداء واجباتي من طبخ وتنظيف وترتيب المنزل ... الخ ".
أما عن أرهق وظيفة تقوم بها حواء فهي صفة المراقب وتسميها "البوليس"، فعلى عاتقها مسؤولية حسن سلوك وانضباط البنات وتوجيههن في الحياة وتذكيرهنّ بواجباتهنّ وبأوقات نومهنّ وغيره من شروط التنشئة السليمة.
حوّاء، ربّة البيت في نظر الدوائر الرسمية عاطلة عن العمل، خارج مسار الدورة الاقتصادية وتستثنى من مكاسب كالعطل الرسمية والترقيات المهنية والتألق في سلم الإنجازات المهنية ولكن على عاتقها كل شيء في تنمية الموارد البشرية وتقدّم من صلبها للمجتمع: الطبيب والمهندس والمدرّس وقائد الطائرة والقائد السياسي... دون أن تحظى بجراية تقاعد مريح، فربة البيت مهنة مدى الحياة!.
سهام عمار